أصبح استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة عنصراً أساسيّاً في التّعليم الحديث لاسيّما بعد طفرة الذّكاء الاصطناعي التي وفّرت أدوات ذات إمكانات مُبهرة للمعلّمين والطلّاب، لكن سوء استخدام هذه الوسائل أدّى إلى نشوء ظاهرة أحببنا أن نسمّيها ظاهرة “التلقين الذكي”، فما هو التلقين الذكي يا ترى؟ تابعوا معنا لتروا ماذا نقصد…
بِسْمِ الله وَالصَلاةِ وَالسَلامِ عَلَى رَسُولِ اللّه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ والاهُ .
إنّ عمليّة التّعلّم والتّعليم ما زالت من أكثر المواضيع الحيويّة التي تتجدّد فلسفتها كلّ فترة نظراً لارتباطها الوثيق بحياة الإنسان المعاصر وكونها تشغل حيّزاً ليس بقليل من حياته، وفي أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين تصاعدت الصيحات المنادية بتحديث التعليم والابتعاد عن الأساليب التقليديّة، وارتبط عندنا مفهوم التّعليم التقليدي بالتلقين بوصفه أكثر سمة بارزة للتعليم الذي نشأ عليه أغلبنا، لكن لنتراجع قليلاً ونتساءل تُرى ما هي مآخذنا على التلقين؟ وهل يمكن أن يتحوّل التلقين التقليديّ إلى تلقين ذكيّ؟
يُستخدم مصطلح التلقين عادةً في مقابل مصطلح التعلّم النّشط، حيث يعتمد التلقين على المعلّم بشكلٍ أساسيّ لإيصال المعلومة وعادةً بطريقةٍ واحدة أو طرق محدودة لا تراعي الاختلافات الفرديّة بين المتعلّمين، وفي المقابل ظهر مصطلح التعلّم النّشط الذي يتّجه نحو عمليّة تعليميّة أكثر تفاعليّة مع الطلّاب وأقلّ اعتماديّة على المعلّم بحيث يتمّ تعزيز القدرة على التعلّم الفردي والتحليل والاستنتاج، ويتمّ ذلك بعدّة طرق فهناك مثلاً طريقة التعلّم بحلّ المشكلات حيث يقوم المعلّم بطرح مشكلة على الطلّاب بهدف إبجاد حلّ لها، أو طريقة العصف الذّهني التي تعتمد على إثارة سؤال أو مشكلة ومحاولة حصر كلّ الآراء والفكر حولها، وهناك طريقة التعلّم التعاوني وطريقة تبادل الأدوار بين الطالب والمعلّم وغيرها.
مع ظهور التكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت طرق التّعلّم النّشط أكثر قابليّة للتطبيق حيث توفرّت أدوات عديدة تدعم النشاطات التفاعليّة مثل الاختبارات الإلكترونيّة التفاعليّة والألعاب التعليميّة والمختبرات الافتراضيّة، وصارت هذه الأداوت بمتناول الجميع بوجود الشابكة والهواتف الذّكيّة ولكن نشأت ظاهرة في ذات الوقت وهي ظاهرة التلقين الذكي، إذ صار عماد العمليّة التعليميّة هي هذه الأدوات بصرف النّظر عن فاعليّة المحتوى نفسه أو فاعليّة توظيف تلك الأدوات خلال العمليّة، فمثلاً استخدام الأنشطة والألعاب ذاتها بشكلٍ متكرّر دون استقراء حاجة الطالب ونقاط ضعفه ومدى تطوّر مستواه يعتبر تعلّقاً بالأدوات على حساب فعاليّتها أو فائدتها في خدمة عمليّة التعلّم، كما أنّ التركيز على إيصال المعلومة فقط مع تجاهل بناء الفِكر السليم، وآليات العقل والنقد والتحليل، والملكات الفكريّة والمهاريّة يعتبر أيضاَ نوع من التلقين سواءً تمّ عن طريق المعلّم أو عن طريق الروبوت المتقدّم.
هناك حلول مقترحة لتفادي هذه المشكلة ويمكن أن نقسمها على أربعة مستويات:
المستوى الأوّل: ندوات عامّة
إجراء ندوات تعليميّة نظريّة تشرح أثر استخدام هذه الأدوات والطرق المثلى لتوظيفها في العمليّة التعليميّة.
المستوى الثاني: ورشات تدريبيّة خاصّة
تخصيص ورشات لكلّ مجال بحيث يتمّ مناقشة أفضل الطرق لاستثمار هذه الأدوات من أجل شرح وتعزيز الفكر في كلّ مادّة من المواد.
المستوى الثالث: التجربة والتقييم
حيث يقوم المعلّم بتجربة هذه الأدوات في مجاله الخاصّ مع طلّابه ويقيّم التجربة كلّ مرّة بحيث يصل في النهاية إلى إنتاج دليلٍ خاصّ لاستخدام الأدوات التي تخدم مجاله بأمثل طريقة وبما يتناسب مع أنماط التعلّم المختلفة عند الطلّاب وأعمارهم ومستوياتهم المختلفة.
المستوى الرابع: مجتمع تبادل الخبرات
يساعد إنشاء مجتمع للمعلّمين في كلّ مجال على مشاركة تجاربهم بحيث ينشر كلّ معلّم دليله الخاصّ لاستخدام هذه الأدوات الحديثة في التّعليم وكيف وظّفها بأمثل طريقة لتعليم الفكر والمهارات المطلوبة في مجاله.
شاركونا ما هي الأدوات الحديثة التي تقومون باستخدامها في مجالاتكم التعليميّة وكيف تقيّمون مدى فاعليّتها؟